هندسة الحياة الزوجية

هندسة الحياة الزوجية
الأستاذ صلاح الخواجة.

المكان/ مجلس الكرامة الأسبوعي.
الزمان/ ليلة السبت – الموافق 2/5/2006م.


استضاف مجلس الكرامة الأسبوعي لهذا الأسبوع الأستاذ المحاضر والمدرب صلاح عبد الله الخواجة في محاضرة تحت عنوان ( هندسة الحياة الزوجية ) مساء الجمعة الموافق 2/5/2008م، الساعة الثامنة والنصف.

ونالت المحاضرة إعجاب الحضور، وظلوا منشدين ومتفاعلين مع المحاضر حتى آخر المحاضرة التي تخللتها عدة مداخلات تسأل وتبحث حول أسباب ما يشوب العلاقة الزوجية و الأسرية من فتور وتشتت واضطراب، والسبيل الأمثل لإقامة حياة أسرية تسودها روح التفاهم والانسجام والأمان والاستقرار.

تساءل الخواجة في بداية حديثه عن سبب حدوث التفكك الأسري، ولماذا تسقط في هذا الامتحان شخصيات كبيرة؟ وهل نحتاج في تأسيس أسرنا لهندسة؟

وفي تمرين عملي طلب من الحضور الكتابة في أوراق وزعت عليهم الإجابة على السؤال التالي: ما هي أروع الأفكار لتهديم الحياة الزوجية؟

أثناء مناقشته للحضور سأل الخواجة عما هو شعورك عندما سمعت السؤال فأجاب أحدهم: تلقيت صدمة، لأنه كانت عندي أولويات توقعت أن يتم التدرج في طرحها من خلال المحاضرة. فيما رفض متداخل آخر صيغة السؤال معتبراً أنّ كلمة ( أروع ) تستخدم للأشياء الحسنة وليس السيئة، لذا " اقترح تبديل كلمة أروع بكلمة أخرى تنسجم مع الأفكار الجهنمية .. ". وعن شعوره لدى سماع السؤال المذكور قال " هو شعور مقزّز للنفس، وأن هذا العمل لا أحد يقدم عليه بل الشيطان هو الذي يدفع الإنسان للتفكير فيه".

وأوضح الخواجة أنّ السؤال جاء من أجل " هزّ ومخاطبة العقل الباطن، والقيم داخل الإنسان .. هناك كلمات متناقضة داخله .. يحدث تفاعل .. وعندما يغضب الإنسان يتحرك العقل الباطن ويتوقف العقل الواعي".

وفي سياق حديثه أكد الأستاذ صلاح الخواجة أن العلم الحديث أخذ يكشف عن علوم أهل البيت عليهم السلام ضمن ما يسمى ( البرمجة العصبية ).

وعرض الخواجة لمحورين فيما لم يسعفه الوقت للحديث حول محور الثالث:

المحور الأول: بدأه بقراءة الآية الكريمة: ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ). الآية 21 من سورة الروم

حيث ذكر الخواجة أن المفسرين يعتبرون هذه الآية الكريمة من أهم ما يتعلق بالحياة الزوجية التي تطرق لها القرآن الكريم، مؤكداً على أن العقل ليس هو الدافع والركن الوحيد في الزواج بل أيضاً العلاقة الزوجية تحتاج إلى عاطفة.

كما أشار إلى أن جراحي القلب كانوا يعتقدون أن المعلومات تخزن في عقل الإنسان فقط ولكنهم لاحظوا عند بعد إجراء عمليات لزرع القلب خلاف ذلك، إذ وجدوا أن بعض الصفات التي كانت يتمتع بها صاحب القلب الأصلي تنتقل إلى صاحبه الجديد!


وانتقل الأستاذ الخواجة إلى الحديث عن نقطة مهمة في حياة الإنسان وهي الأولويات في سلّم القيم، موضحاً أن سلًم القيم كثيراً ما يكون غير ثابت وواضح عند الواحد منا، كالأولوية بين الأسرة والمهنة، أو العمل السياسي والأسرة.

وفي رسم توضيحي شرح تقسيم العقل مبيّناً أن العقل هو الذي يدير حياة الإنسان عاطفياً ومادياً، وهو ينقسم إلى العقل الواعي ويشكل نسبة 6 % من حيث الأهمية والنشاط، فيما يمثل العقل الباطن نسبة 94 %.

وللتدليل على هذه النقطة وشرحها قرأ الآية الكريمة: ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم ... ) الآية 53 من سور فصّلت.

ومضى قائلا إنّه قبل معرفة مهمة العقل الواعي لا بدّ من معرفة مسماه وهو ( برمجة السلوك )، وبالتالي فإنّ وظيفة العقل الواعي هي برمجة العقل الباطن، وإذا برمجنا السلوك بشكل سليم فإننا سنتمكن من برمجة العقل الباطن، فأنت مثلاً " تهزم الظالم حينما تتحداه في داخله".

وأجرى الخواجة تمريناً ثانياً للتدريب على ترتيب سلّم الأولويات في حياتنا، وذلك بأن طلب من الحضور ذكر الأولويات في الحياة العامة والتي عادة ما تكون: الدين، الأسرة، المهنة، العمل السياسي، الرياضة، ثم مضى في تطبيق التمرين على أحد الحضور بعد أن عدّد أولوياته، ثم في قائمة ثانية طلب إليه أن يرجح بين أولويتين من أولوياته، وهكذا حتى تغيرت القائمة الأولى واختلف ترتيبها عن الأولى. ولوحظ أن بعض الأولويات لم يتغير ترتيبها فيما تغيّر ترتيب أخرى.

عن ذلك قال الخواجة: إنّ هذا التمرين يسهم في التقليل والحدّ من الصراعات الاستراتيجية داخل الإنسان. ووجّه الخواجة نداء دعا فيه المتزوجين وغير المتزوجين إلى الخضوع لدورات تثقيفية في مجال إدارة الأسرة والحياة الزوجية والأسرية.

المحور الثاني: بدأه أيضاً بقراءة الآية الكريمة: ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ً ... ) الآية 6 من سورة التحريم.

أكّد الخواجة على أن الرغبة الجنسية حاجة غريزية و طبيعية عند الإنسان، ولكنّ العاطفة أيضاً مطلوبة ككلمات الحبّ والعشق والهيام، محذراً من أنّ أسراً تهدّمت بسبب وجود ما أسماه ( الجوع العاطفي ).

وشرع الأستاذ صلاح الخواجة في رسم هرم الحاجات وهو ما يعرف بــ ( هرم ماسلو ). إذ تشكل قاعدته الحاجات الأساسية ثم الحاجة إلى الأمان، ثم الحاجة إلى الحُبّ، وبعدها الحاجة إلى الاحترام والتقدير، وفي قمته الحاجة إلى الإبداع.

وحول نقطة مهمة وهي فن إدارة الأسرة قال الخواجة إنه ينطوي على أبعاد ثلاثة، وهي:
- البعد الإنساني.
- البعد الفنّي.
- البعد الإداري.

وأشار إلى أنّ الأسرة هي: إدارة فنيّة طارئة، إذا أن المرء اعتاد على سلوك وحياة معيّنة ولكن بعد تكوين الأسرة أصبح هناك زوجة وأولاداً ما يستدعي تغييراً في إدارة الأمور والتعامل معها.


الأسئلة:

س: كيف نتغلب على الروتين اليومي في الحياة الزوجية؟

الأستاذ صلاح الخواجة:
- هناك دورة سميتها ( دلّع نفسك )، .. هل نستطيع أن نستمتع بكل ما أنعم الله علينا، على اعتبار أن الدنيا خلقت للمطيع وليس للعاصي.
- جرّب أن تستمتع بكل شيء.
- الجنس ليس فقط هو الفراش، وإلا اعتبرت مجرّد حالة حيوانية، بل هو عبارة عن هندسة للحالة العاطفية في الحياة الزوجية.

س: كيف نوفّق بين النشاط السياسي والحياة الزوجية؟

الأستاذ صلاح الخواجة:
- في النشاط السياسي هناك مرونة وبدائل وخيارات، فلو حصل ظرف لك كناشط سياسي، بالإمكان أن يغطي مكانك آخر .. لكن في الأسرة حينما توجد مسافة عاطفية، وهي تختلف مع المادية في أنها ليست رقمية، وهي سريعة جداً ... ( لذلك ينبغي الاهتمام بوضع الأسرة وعدم إغفالها في غمرة الاهتمام بالسياسة).

س: هل تنصح بقراءة كتاب ( الرجال من المريخ، والنساء من الزّهرة )؟

الأستاذ صلاح الخواجة:
- في الثقافة هناك نوعين: دينية، وعلمية، وأنا أنصح بقراءتهما معاً..
- المعرفة ( خصوصاً الدينية ) لا تؤدي إلى التنافر بل إلى الانسجام ..
- نعم أنصح بقراءة هذا الكتاب المهم.

س: أطلب توضيحاً للجانب الفني والإداري في مجال إدارة الأسرة.

يجيب الخواجة بالقول: إن الجانب الإداري يبين مفاهيم ووسائل إدارة الأسرة، أما الجانب الفني فهو يهتم بالتطبيق العملي والمهارات اللازمة لذلك.