ملتقى مجلس الكرامة الأسبوعي
ندوة صحية توعوية: مرض السكلر ( فقر الدم المنجلي) – واقع وآمال.
المتحدثان: الدكتور عبد الله العجمي / استشاري أمراض الدم بمجمع السلمانية الطبي، والأستاذ زكريا الكاظم / رئيس جمعية رعاية مرضى السكلر البحرينية.
المكان: ملتقى مجلس الكرامة الأسبوعي – قرية كرباباد / البحرين .
الزمان: الساعة 8.30 مساء – الموافق 14/11/2008م.
في ندوة صحية توعوية ولتسليط الضوء أكثر على واقع مرض السكلر( تكسر الخلايا الدموية أو فقر الدم المنجلي) ومعاناة المصابين به ولتكثيف الوعي بهذا المرض وسبل الحد من انتشاره والتخفيف من مضاعفاته على المصابين وعلى المجتمع، نظم ملتقى مجلس الكرامة الأسبوعي ندوة صحية ثقافية ليلة السبت الموافق 14/11/2008 عند الساعة الثامنة والنصف مساء استضاف فيها كلا من الدكتور عبد الله العجمي استشاري أمراض الدم بمجمع السلمانية الطبي والأستاذ زكريا الكاظم رئيس جمعية رعاية مرضى السكلر البحرينية.
الدكتور العجمي تحدث عن مسببات المرض وأعراضه وطرق علاجه، والأدوية والعقاقير المستحدثة لعلاج المرض، كما أوضح بأن المرض يدخل فيه ويؤثر الجانب النفسي، كما استعرض تجربة مستشفى السلمانية في عمل البروتوكول العلاجي لمرض السكلر، وهو الطرق والوسائل التي يتوافق عليها الأطباء المختصون لعلاج المرضى بحسب درجة وشدة الألم، وعلاج ذلك بالأدوية والعقاقير الملائمة.
أما الأستاذ إبراهيم الكاظم فقد عبر عن ارتياحه لتنظيم مثل هذه الندوة فيما سجل استغرابه من ضعف الميزانية التابعة لوزارة الصحة والمخصصة لعلاج مرضى السكلر مقارنة مع دول الخليج الأخرى. وشكا مما أسماه إهمال ونسيان مرضى السكلر من قبل المجتمع وكافة مؤسسات الدولة وغياب الحملات التثقيفية للتعريف بالمرض، وعدم الاهتمام التعريف بالمرض وطرق التعامل من قبل المريض والمجتمع مع المرض في المناهج الدارسية.
س: ما هو مرض السكلر، وما هي أعراضه وطرق علاجه؟
د. عبد الله العجمي: المرض سببه وراثي، نتيجة علة في جين خاص يؤدي إلى انتاج الهيموجلوبين لبروتين غير طبيعي. تكون الخلية غير مؤكسدة ومن المعروف أن وظيفة كريات الدم هي توصيل الدم إلى الجسم، مما يؤثر على جدار خلية كريات الدم الحمراء ويؤدي إلى حدوث انسداد في الأوعية الدموية .. والإصابة بالمرض يؤدي إلى الشعور بألم في العضل أو العظام أو مكان تواجد الأعصاب.. وإذا حدث ذلك في المخ فإنه يؤدي إلى شلل دماغي، وفي الرئة يؤدي إلى نوبة حادة في الصدر.
يعاني مريض السكلر من نوبات الألم، وهي تتفاوت من مريض لآخر كما تتفاوت في درجة شدتها، وقد تستدعي بعض الحالات إلى إعطاء المريض أدوية مخدرة.
ومن الأسباب هو وجود التهاب بكتيري وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة لأن المريض لديه استعداد بسبب وجود خلل في الطحال وكريات الدم البيضاء فلا تعمل بالشكل المطلوب ... بعض الأغشية في الجهاز الهضمي تسمح بدخول البكتيريا لخلايا الدم وهو ما يستدعي إعطاء المريض مضاد حيوي.
الآلام: إجهاد عضلي بالإضافة إلى الآثار النفسية والعاطفية، والعامل النفسي مهم في الموضوع. وننصح المرضى بمراجعة طبيب نفساني للتقليل من نوبة الألم. النوبة الحادة في الصدر، وتكون مفاجئة، ومعظم المرضى تصيبهم هذه النوبة في المستشفى، ولا يوجد ما يمنع حدوث تلك النوبة.
عدا الأدوية المهدئة، يحتاج المريض إلى الإكثار من شرب السوائل وذلك لتسهيل حركة الدم داخل الجسم.
وفيات السكلر لم تكن قليلة في السابق، لكن لم تكن الأضواء مسلطة على الموضوع كالوقت الحاضر. قد يصاب مريض السكلر لجلطات مميتة في المخ. السكلر يؤثر على جميع أجهزة الجسم كالشبكية والقلب والرئة، وزيادة الضغط على الصمام الرئوي تؤدي إلى ضيق في التنفس وآلاماً مزمنة في الصدر. قد يحصل تمدد مفاجئ في الطحال مما يتسبب في هبوط في ضغط الدم ويحتاج المريض حينها إلى الإسعاف المباشر، وقد يؤدي التباطؤ في ذلك إلى وفاة المريض.
ويكون نقص السوائل نتيجة لعدم قدرة الكلية على الاحتفاظ بالسوائل وقد ينتهي الأمر إلى حصول فشل كلوي, ويحصل للمريض تآكل في عظمة الحوض والكتف وهذا شائع في دول الخليج بسبب شياع مرض الثلاسيميا، ويمكن أن تجري عملية تبديل المفصل ويحتاج المريض بعد 10 – 15 سنة إلى عملية أخرى.
وعلاج النوبات يتم عن طريق الأدوية المهدئة، والمشكلة تكمن في صعوبة تقدير شدة الألم من قبل الطبيب المعالج. بعض المرضى يتظاهر بتعرضه للألم الشديد مما يؤدي إلى إدمانه على تلقي العلاج بواسطة الأدوية المهدئة. والإدمان مرجعه سبب نفسي الأمر الذي يتطلب عرض المريض على الطبيب النفساني.
اقترحنا استحداث وحدة خاصة لمرض السكلر دون مرور المريض في الطوارئ، بمعدل 500 مريض لكل وحدة، ولكن لحد الآن لم تتم تلبية هذا الاقتراح.
نقوم بمتابعة عمل الكبد ونسبة الحديد في الجسم، وبعض المرضى يحتاج لأدوية تعمل على تخفيض نسبة الحديد، كما نقوم بمتابعة القلب والمخ. ومن ضمن المتابعات معرفة عدد مرات تردد المريض على المستشفى وطبيعة الأدوية التي يتلقاها.
هناك بعض الأدوية الجديدة من بينها الدواء الفاعل وهو الهيدروكسيوريا ويعمل على تحويل الهيموجلوبين من النوع s إلى النوع f ويسمى هيموجلوبين الطفولة وزيادة هذا الهيموجلوبين. وحسب دراسة قمنا بإجرائها وصلت درجة الاستجابة إلى85% للتخفيف من نوبة الألم، والأعراض الجانبية لهذا الدواء أنه قد يتسبب في تقليل كريات الدم البيضاء.
س: لا تقتصر آثار المرض على الجوانب الجسدية، حدثنا عن معاناة مريض السكلر من الجوانب الأخرى.
الأستاذ زكريا الكاظم: سأتحدث عن المعاناة داخل أجنحة وأروقة السلمانية؛ فمريض السكلر يحتاج إلى مدة 24 – 36 ساعة لكي يحصل على سرير. ومن هنا طرحت فكرة تأسيس جمعية تعنى وتطالب بتوفير الخدمات اللازمة لمرضى السكلر.
نحن مرضى السكلر نشعر بأنه تم تهميشنا ليس فقط في المجتمع وبين الأسر بل حتى في وزارات ومؤسسات الدولة، والمناهج الدراسية تخلو من الإشارة إلى مرض السكلر والتوعية به. كثير منا يكتشف بأنه مصاب بالمرض في مرحلة متقدمة من العمر. كما يعاني الطلاب المصابون بالمرض من ضعف التحصيل الدراسي وصعوبة إكمال دراستهم الأكاديمية وخشية أرباب الأعمال من توظيف المصاب بالسكلر، وامتدَّ هذا التخوف ليصل إلى العمل التطوعي العام.
اجتماعيا، الرجال ربما يكونوا أقل معاناة مقارنة بالنساء، ويعاني المريض من عدم المقبولية سواء في العمل أو الدراسة أو الزواج.
وعدم وجود قنوات اتصال مع مسئولي السلمانية يضطرنا إلى اللجوء إلى الإعلام والصحافة، وصدمنا بإعلان وزارة الصحة عن عدد ضئيل للمتوفين بسبب السكلر (حوالي 42 حالة)، وعندها أخذنا على عاتقنا بداية من العام الجاري توثيق وفيات مرضى السكلر. وجزء من أهدافنا هو توعية الناس بالمشكلة. وبالإشارة إلى ملف السكلر فإنه كان يؤجل حله في وزارة الصحة منذ العام 1984م، وضرورة وضع بروتوكول علاجي لعلاج المرضى.
توضيح من الدكتور العجمي: البروتوكول العلاجي هو أن يتفق الأطباء على طريقة معينة في علاج المرضى وهو ما يسمى بالبرتوكول العلاجي، ووضع هذا البروتوكول في العام 1997، على خلفية مشكلات نشبت بين مسئول الطوارئ ورئيس الأطباء آنذاك. حيث وجدوا بأن نسبة استهلاك المورفين ( المخدِّر) مرتفعة بشكل كبير في الطوارئ .... وتحديد الأدوية المطلوبة للعلاج تتم بناء على شدة الألم، وتدخلت في تطبيق البروتوكول المزاجية بسبب الخلاف بين الأطباء.
الأستاذ زكريا الكاظم: خلافنا الأساسي هو مع وزارة الصحة بالنظر إلى أن الوزارة المخصصة لعلاج المرضى بالسكلر هي حوالي 140 مليون دينار وهي ميزانية متواضعة إذا ما قارناها مثلاً مع ميزانية وزارة الصحة في الكويت التي تقدر بـ 960 مليون دينار كويتي.
في عام 2005 بلغ عدد المراجعين لمراكز الولادة في شتى أنحاء البلد حوالي 16 ألف مراجع، وفي العام نفسه بلغ عدد مرضى السكلر حوالي 16 ألف مريض، ولكننا نجد أن مركزاً علاجياً واحداً مخصصاً لخدمتهم، كما نشكو من عدم وجود متخصصين بما فيه الكفاية للتعامل مع مريض السكلر.
وفي الفحص المبكر قبل الزواج يوجد خلل بسبب عدم إلزام الطبيب الفاحص بعرض نتيجة الفحص بشكل تفصيلي على المتقدم للفحص.
كما نعاني من عدم وجود حملات إعلامية توعوية تتعلق بالمرض وكذلك حول النظام الغذائي الواجب اتباعه بالنسبة للمريض.
س: ما هي أهدافكم، وما هي العوائق التي واجهتكم؟
الأستاذ زكريا الكاظم: الجمعية عمرها سنتان، وهي تعتمد على مساهمات الأعضاء والفعاليات التي تقيمها الجمعية هي نتيجة جهود ذاتية.
من أهدافنا هو السعي لتحقيق هذا الشعار: في 2012م، لا مرضى مصابين بالسكلر أو الثلاسيميا. ونحن نسعى للفت انتباه الآخرين وزيادة الوعي الجماهيري بغية تحسين الخدمات التي تقدمها الدولة للمرضى.
نفتقر إلى وجود قانون يحمي مرضى السكلر من الخلافات الحاصلة بين المسئولين في وزارة الصحة و مستشفى السلمانية.
مداخلة – د. أحمد التحو( طبيب مختص بأمراض العين ): أعتقد أن هنالك غياب للشفافية في عرض الإحصائيات والأرقام. شخصيا، أعمل في مجال طب العيون منذ 27 سنة ومن ضمنها حوالي 5 سنوات في البحرين ولم أر مضاعفات في الشبكية بسبب السكلر.
أما بالنسبة لما للنقطة التي أشار إليها الأخ زكريا وهي أن مريض السكلر منبوذ من قبل المجتمع. أرى أن مجتمعنا هو مجتمع منغلق على نفسه، وهو منغلق على ما هو أتفه وأقل من مرض السكلر.
أما فيما يتعلق بالميزانية المحدودة، نحن نعرف بأن توجه الدولة هو الإنفاق على أمور أخرى ومنها العسكر. أعتقد أن الإشكالية هي أن الطبيب يقع ضحية بين تصرفات الوزارة وضغط المريض، والحال أن الكل يعاني من الوضع القائم.
والسكلر هو من الأمراض المزمنة، والعلاج يوقف الأعراض ولا يتوجه للمرض الحقيقي. هناك تقدم أحرز في علم الهندسة الجينية بالإمكان الاستفادة منها في مجال علاج مرض السكلر.
الدكتور عبد الله العجمي: بدأنا في إعطاء الدواء (الهيدروكسيوريا) قبل إقرار البروتوكول العلاجي في العام 1997م، وكان يستخدم لعلاج أمراض اللوكيميا كما يستخدم لعلاج الصفائح الدموية ... (المضاعفات) في حال نقص كريات الدم البيضاء يتم تقليل الجرعات أو استخدام حقن تحت الجلد للمريض. الدواء لا يتسبب بالعقم، ولكنه قد يتسبب في حدوث تشوهات للجنين، لذلك ننصح المرأة الحامل أو المقبلة على الحمل بالتوقف عن أخذ الجرعات خوفاً من حصول تشوهات للجنين. وبالنسبة للرجال، فإن الأغلبية لا يتعرضون لمضاعفات ... قد يتسبب الدواء في تقليل حركة الحيوانات المنوية ولا نستطيع الجزم بالتسبب في العقم لكن هنالك خيار للمريض عن طريق القيام بتخزين الحيوانات المنوية.
العلاج الشافي يكون بزراعة النخاع للمريض وهو علاج غير شائع لمرض السكلر بسبب كثرة مضاعفاته، أما العلاج الجيني فقد حقق بعض التطور لكنه لا يزال في بدايته فيما يتعلق بمرض السكلر. هناك بعض الأدوية تعمل على عدم التصاق كريات الدم الحمراء بالخلايا لكنه يحتاج إلى سنوات أخرى قادمة لكي يتم تطويره.
الأستاذ زكريا الكاظم: سوف نتمسك بهذا الملف لكي نعيش سنة أخرى. لغة التواصل تكاد تكون مفقودة بين المريض والطبيب، من حق المريض أن يتعرف إلى طريقة العلاج وأن يحصل على شرح للأعراض وكيفية التعامل معها. كما نجد ضعفاً للثقة بين الطبيب ومريضه ولذلك نرى الطبيب يعمد إلى تحويل المريض إلى طبيب نفساني دون علمه لمجرد رفض الأول تلقي دواء الهيدروكسيديا.
شهادة مريض بالسكلر - يستعمل الهيدروكسيوريا:
إصابتي بالمرض كانت منذ الطفولة، خلال ذهابي للعمل تعلمت طريقة حقن الإبر لكي لا يؤثر ذلك على عملي. في عام 2000م تعرضت لإصابة شديدة كنت ضيفاً لجناح العناية المركزو ICU لشهرين متتاليين، جعلتني أفكر جديأ في التداوي بالهيدروكسيوريا، وأنا استعمله شهر 6 من عام 2000م، ولحد الآن لم أصب بنوبة، ولله الحمد.
أعتقد أن الأمر الأهم في المسألة هو الوعي ومعرفة المريض بطبيعة المرض. كنت أسافر وأشارك في مؤتمرات ولكني لم أكن أعرف مسببات المرض وسبب حدوث النوبات كالإجهاد والضغط النفسي. بعد التوعية كنت بنفسي أطلب خلال الرحلة الأوكسجين. عرضت حالتي على أطباء في مستشفى بأمريكا وسألتني الطبيبة عن المضاعفات التي قد تحدث نتيجة تناول الدواء، وأكدت لي من جانبها بأننا نوصي بالدواء لمرضانا لفترة تصل إلى 10 سنوات. منذ حوالي 8 سنوات وأنا لا أتعرض إلى نوبات وأمارس حياتي بشكل طبيعي.
س: هل المصاب بالسكلر ونقص الخميرة يؤثر عليه تناول أقراص الإسبرين؟ وهل يؤثر زرع الطحال على المصاب بالسكلر؟ وبالنسبة لميزانية الصحة المتواضعة المخصصة لعلاج ومتابعة مرضى السكلر، ألا يمكن للاستشاريين التدخل في الموضوع؟
الدكتور عبد الله العجمي: مع أنه لا توجد دراسات تثبت فعالية الإسبرين، لكن لا توجد مشكلة في تناولها بالنسبة لمريض السكلر. لكن هناك مشكلة بالنسبة لمن يعاني من نقص الخميرة، إلا إذا كان يعاني إلى جانب نقص الخميرة من أسباب أخرى كمشكلات في القلب والدماغ، ويأخذ تلك الأقراص تحت المراقبة.
وعملية إزالة الطحال تكون نتيجة لـ 3 – 4 أسباب: بأن تعمل على سحب الدم، وأن يكون لدى المريض آلاماً مزمنة،.... أو لمن ينقل إليهم الدم بشكل متكرر أو حصول مضاعفات تؤدي إلى تسر كريات الدم البيضاء أو الصفائح الدموية.
ومشروعنا الذي طرحناه هو استحداث دائرة تتمتع باستقلالية إدارية لمتابعة وعلاج المرض. وما نلحظه هو عدم وجود توجه لمنح الاستقلالية الإدارية للوحدة المذكورة.
مداخلة – د. أحمد التحو: خلال زيارات ميدانية للمراكز الصحية قمنا بها رأينا مآسي كثيرة، ووجدنا أن ما يصرف هو مبلغ ضئيل.... الإصرار كجمعية يثمر نتائج ينبغي استثمار الشريحة الشبابية.
س: ما هي رسالتكم وكلمتكم الأخيرة؟
الأستاذ زكريا الكاظم: نحن أبناء هذا المجتمع، ونحن نتمنى أن نصل إلى مرحلة نزوج فيه بناتنا المصابات من طبيب، و نحتاج لوجود لغة اللقاء والحوار ونجلس ونفكر كيف نخرج من المشكلة ونحسن من نمط حياتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق