السبت، 25 أكتوبر 2008

حق العامل في منظومة التشريعات المحلية








الفعالية: ندوة " حق العامل في منظومة التشريعات المحلية "



المتحدث: الناشط النقابي، المهندس عباس العمران.





الوقت والزمان: الساعة الثامنة مساء – 24/10/2008م
المكان: ملتقى مجلس الكرامة الأسبوعي.


استضاف ملتقى مجلس الكرامة الأسبوعي لهذا الأسبوع الناشط الحقوقي والنقابي المهندس عباس العمران ليسلط الضوء على تجربته الشخصية كعامل مع منظومة التشريعات المحلية المتعلقة بتنظيم حقوق العمال.

ومن جانبه، أكد العمران بأنه في ظل التشريعات الحالية فإن العامل لا يتمكن من اقتضاء حقه بصورة عادلة بل أقصى ما يمكنه هو الحصول على مكافآت إن استطاع إثبات كون فصله تعسفياً، ونفى نفياً قاطعاً أن يستطيع العامل الرجوع إلى عمله، وأرجع ذلك إلى انحياز النصوص التشريعية التي صيغت في الحقبة المظلمة لصاحب العمل ضد العامل بحيث لا يتمكن من المطالبة بحقه ويضطر للخضوع لصاحب العمل حفاظاً على لقمة عيشه.

كما تحدث عن تجربته مع نقابة عمال بابكو وبداية انخراطه في العمل النقابي مستعرضاً أبرز المحطات والانجازات في عمل النقابة، وعرض لتجربته في هذا الصدد مع إدارة الشركة وما انتهى إليه الحال من إقالته من النقابة وفصله من العمل، وما تلا ذلك من الخطوات احتجاجية التي قام بتنظيمها لبيان قضيته للرأي العام.










فيما يلي نص الحوار مع المهندس عباس العمران:

س: من هو عباس العمران، وكيف تقرأ نفسك؟

العمران: أبلغ من العمر حوالي 40 عاما، ولدي 3 أولاد. أما فيما يخص النشاط السياسي فقد كنت منتمياً لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، بالإضافة إلى عضويتي في مركز البحرين لحقوق الإنسان، وأنا مواطن أتمنى أن يكون صالحا.

س: حدثنا عن نشاطاتك في مجال العمل النقابي.

العمران: بعد هامش الحرية والعمل الذي وجد بعد طرح مشروع (الإصلاح)، انطلقت واستؤنفت النشاطات التي توقفت ومن ضمنها العمل النقابي.

وبموجب المرسوم رقم 33 لسنة 2002م تم تشكيل النقابات ومن أبرزها نقابة عمالة شركة نفط البحرين (بابكو) نتيجة لخلفيتها التاريخية في مجال العمل النقابي، وكان الحث والدفع من قبل العلماء والرموز للمشاركة في العمل النقابي لخدمة الناس. دخلت العمل النقابي بسبب شعوري بعزوف البعض، ودخلت بداية كعضو تكميلي في نقابة بابكو ويومها كانت لي اهتماماتي الأخرى غير العمل النقابي.

وجدت أن العامل ومن خلال منظومة التشريعات الموجودة لا يستطيع أن يطالب ويأخذ حقه من دون وجود عمل مؤسسي وقانوني من خلال النقابة. ولذا، ترشحت بعدها للدورة الثانية وكنت أكثر استعداداً وتهيؤاً، حاولنا، أنا وبعض الزملاء، تعزيز دور النقابة، واصطدمنا بوجود اختلافات في وجهات النظر لكننا لم نقبل بوجود تجاوزات في النقابة كالفساد والرشاوى.

هناك بعض الثغرات في العمل النقابي وهي:

1- الثغرات الموجودة في التشريعات القانونية.
2- بعض النقابيين الذين يوظفون العمل النقابي لخدمة مصالح شخصية.
3- عدم إدراك وشعور الناس بأهمية العمل النقابي.

س: خلال تواجدكم لدورتين متتاليتين في النقابة، ماذا حققتم للعمال؟ وهل تبلورت مشاريع مفيدة لهم؟

العمران: بطبيعة الحال، كانت هنالك مطالب لكنها لم تكن مرتبة حسب الأهمية والأولوية. لتعزيز دور النقابة عملنا على رفع علاوة المواصلات إذ كانت قليلة مقارنة مع الشركات الأخرى إذ كانت لا تتجاوز العشرة دنانير. طلبنا من الشركة رفع العلاوة إلى مبلغ خمسين ديناراً وبدورها رفضت، ونتيجة لتواصلنا مع الإعلام وقيامنا بعرض الإحصائيات والمقارنة مع شركات أخرى اضطرت الشركة في النهاية للرضوخ إلى مطلب النقابة لكنه تم تخفيض المبلغ إلى ثلاثين ديناراً، للأسف بسبب تخاذل بعض أعضاء النقابة.

كذلك قمنا بعمل عريضة تطالب بوضع حدٍّ للفساد والتمييز المستشري في الشركة، خصوصاً في مجال التوظيف والترقيات والتدريب، وهي تعتبر خطوة نوعية. واستطعنا جمع 1500 توقيع من أصل 3000 آلاف عامل، وجاءت هذه الخطوة لتؤكد أهمية وفاعلية العمل النقابي.

وفي الدورة الثانية من عملنا في النقابة، عصفت الخلافات داخلها بسبب تدخل الجمعيات السياسية وسعيها للسيطرة على المناصب في إدارة النقابة، كما إنه وبسبب ضغوط المسئولين في الشركة استجاب البعض وتعثر عمله في النقابة.


س: هل من الممكن أن تسلط الضوء على موضوع فصلك من النقابة وإقالتك من الشركة؟

العمران: أولا فيما يتعلق بالنقابة، حينما ترشحت لم أكن مدعوماً من جمعيات سياسية بل ترشحت كمستقل. واستطعت مع بعض الزملاء الحصول على مناصب متقدمة في النقابة، وطموحنا جعلنا نطرح العريضة المناوئة للتمييز في الشركة، واصطدمنا مع رغبة الجمعيات في السيطرة على المناصب في النقابة ومع أننا كنا نتحاشى التصادم معها لكن المشكلة استفحلت فيما بعد.

بحكم موقعي كأمين مالي في النقابة، لم أقدر على السكوت عن بعض التجاوزات التي تحصل واستغلال البعض للنقابة في سبيل تلبية مصالح شخصية؛ ولأن جزءً من دورنا الذي نؤمن به هو حماية مصالح العمال وعدم خيانتهم.

وعندما عزمت على اللجوء إلى وزارة العمل وبعض الجهات الرسمية تم طردي من النقابة بشكل كيدي وتعسفي كما هو واضح، وللأسف فإن دور اتحاد نقابات عمال البحرين وتعاطيه لم يكن بالمستوى المطلوب. و رفعت قضية وربحت الحكم، ولكن للأسف تم الالتفاف عليه بدعوى أن ما جرى هو تجميد عضويتي في النقابة.

في مركز البحرين لحقوق الإنسان كنا قد سعينا لتنظيم لجنة للعاطلين عن العمل في العام 2003 وعقدنا اجتماعات تنظيمية بلغت ثمانية بهدف إشهار اللجنة للعلن، وقمنا بحجز صالة جمعية المهندسين البحرينية لكنهم قاموا بإلغاء الحجز وأخبرونا بأن طلب الإلغاء جاء من رئيس اتحاد نقابات عمال البحرين، ولاحقاً تم حل المركز.

أساس الخلاف مع النقابة هو سعي بعض أعضاء النقابة نحو تحقيق مصالح شخصية مستفيدين من مناصبهم، وتعرضت خلال عملي في النقابة لصعوبات عدة منا قيام إدارة الشركة بتعطيل بريدي الالكتروني الخاص بحيث أصبحت مقطوعاً عن معرفة الأخبار داخل الشركة.

وبعد فصلي من النقابة، حاولت جمع توقيعات لطلب عقد جمعية عمومية للنقابة إذا أن فصلي لم يأت نتيجة لعقد جمعية عمومية أو بعد التحقيق معي.

كذلك تم استثنائي وعدم شمولي بتعديل درجات المهندسين، وتم تعديل درجات حوالي 100 مهندس فيما تم استثنائي من ذلك. وبعدها تعرضت للمضايقات من قبل الشركة، وجرت مراسلات ومخاطبات بيني وبين إدارة الشركة لمدة سنة وثمانية أشهر، كما لجأت لإجراءات التظلم وقوبلت بتعنت الشركة وتجاهلها لمطالبي، وهو ما دعاني للجوء إلى الاحتجاج، وبالفعل نفذت سلسلة من الاعتصامات الاحتجاجية الأمر الذي أدى إلى اتخاذ الإجراءات التأديبية بحقي.

في الاعتصام الأول قدم الكثيرون لموقع الاعتصام إذا أنه كان عملا نوعيا وغريبا عليهم، وفي اليوم نفسه تم استدعائي من قبل إدارة الشركة وسلموني إنذاراً نهائياً بعدم تكرار الاعتصام وإلا فسيتم فصلي من الشركة، وبدوري أبلغتهم رفضي لاتباع مثل تلك الإجراءات التهديدية وواصلت الاعتصام إلى أن تم فصلي.


س: ماذا كان دور وموقف اتحاد النقابات من عملية فصلك من النقابة والشركة؟

العمران: فيما يتعلق بفصلي من النقابة كنت قد أرسلت الوثائق المتعلقة بقضيتي لأكثر من جهة (وفي مقدمتها الاتحاد) ووضعتهم في الصورة، وأعلنت عن نيتي في الاعتصام في 15/6/2008 ثم أجلته إلى 20/6/2008 لكن الشركة لم تكن مكترثة بما حصل لي.

بتاريخ 18/8/2008 عدت مجددا للاعتصام، وبدورها قامت الشركة بإبلاغ الشرطة فتم اعتقالي. وجرى اتصال مع الاتحاد وطلبت منهم موقفاً من حادثة اعتقالي والعمل على حرف القضية كما قمت بإرسال خطاب إلى وزير الداخلية شرحت له فيها ما تعرضت له، وأرسلت نسخاً لعدة جهات وجمعيات حقوقية بالإضافة إلى النقابة والاتحاد. قدمت طلباً للقاء مع الاتحاد ولم يتم الرد على خطابي حتى الآن. وجهت خطاباً ثانياً للنقابة وشرحت التعسف الذي تعرضت له من قبل الشركة لكن رد النقابة كان مؤسفاً وكانت تتبنى وجهة نظر الشركة.

طلبت موقفا من جانب اتحاد النقابات وعدم التعذر بوجود إجراءات وطلبت الدفاع عني كنقابي. اجتمع الاتحاد ثلاث مرات مع النقابة وكانت الأخيرة مستميتة خلال تلك اللقاءات في الدفاع عن وجهة نظر الشركة. كما التقيت مع جمعية الوفاق و وعد.

وبسبب تلكؤ النقابة وتقاعسها عن الدفاع عني كعامل قررت عدم التعويل عليها، ومن هذا المقام أوجه نداء لاتحاد النقابات أن يلعب دوره المناط به، وبحسب تعبير أحد الرموز ينبغي له أن يكون بطول قامة الوطن. كما يجب عدم تحويل الاتحاد إلى نادٍ خاص يدافع عن البعض دون الآخر.

س: أنت عاصرت تجربة مريرة، ولمست كيف أن التشريعات الموجودة تبقى مجرد نصوص لا يتم تفعيلها على أرض الواقع، أليس الأمر كذلك؟

العمران: بالنسبة لقانون العمل في القطاع الأهلي فقد صيغ في سنة 1976 أي أنها السنة التي أعقبت حل البرلمان وتصفية العمل المؤسسي. العمل النقابي كان قديماً وكانت النقابات تتصدر المشهد السياسي، وهذه التشريعات تهدف إلى تعطيل العمل السياسي وقمع العمل النقابي بحيث لا يستطيع العمل ولا يتمكن من اقتضاء حقه ولا يأخذ دوراً سواء كان سياسياً أم مطلبياً فصياغة القوانين كان تبعاً لظروف تلك المرحلة، والباب 13 و14 من القانون المذكور لا يزالان تسيطر عليهما العقلية الأمنية.

في مضمون تلك القوانين هي تعمل على حرمان العامل من حقوقه، ومنها المادة 101 التي أعطت لصاحب العمل حق وضع لائحة الجزاءات كما أنيطت به في الوقت نفسه صلاحية تنفيذها بالإضافة إلى صلاحية تقدير تطبيقها.

وفي العام 2002 اجتمعت وزارة العمل مع ممثل عن اتحاد النقابات وممثل عن أرباب العمل وعكفوا على إعادة صياغة القانون بما يتلاءم مع التطورات. بعد تأسيس مجلس التنمية الاقتصادية تمت إحالة الموضوع إليه، وكل ما هو موجود حالياً هوة مسودات كتبتها الأطراف المذكورة.

أسوق حادثة تدلل على استشراء الفساد بشكل واسع في بابكو، إذ أن أحدهم تمت إحالته على التقاعد من عمله بسبب إصابته بمرض عضال وبعد 10 سنوات من التقاعد هو يعمل الآن كمدير في الشركة منذ العام الماضي.

استفاد المسئولون في الشركة من القانون وأصبح لديهم استهتار وعدم مبالاة، ولذلك فهم يجبرون العامل على الرضوخ إليهم وأن يكون مطيعاً لهم وإلا فإن مصيره التهميش.

ونلاحظ تبعاً لذلك، أن الكثير من شاغري المناصب العليا في الشركة يغادرون حال حصولهم على فرصة عمل مناسبة، أما أصحاب الدرجات الوظيفية الدنيا فإن فرصهم تكاد تكون ضئيلة، فيضطرون للبقاء حفاظاً على لقمة عيشهم.






المداخلات:

الأستاذ محمد الشهابي: لا نتوقع أن يكون الواقع العمالي أفضل حالاً من مجمل الأوضاع السيئة الموجودة في البلد، ولكن رغم المرارة التي شعرنا بها وأنت تسرد تفاصيل معاناتك مع الشركة، نلحظ في الوقت نفسه صمودك واعتمادك على نفسك لاقتضاء حقك. واقترح أن تنوع الأماكن التي تقيم فيها اعتصاماتك لأنها قضية تتعلق بمنظومة القوانين المتعلقة بالعمل وليست مسألة شخصية. أما الكلام حول لائحة الجزاءات وكونها تصب في صالح أرباب العمل، فهذا غير مستغرب إذا كان مجلس النواب لا يتمكن من صياغة لائحة تنظم عمله. لا بد من استثمار الرأي العام، وأي رهان على الجمعيات لن يوصل إلى نتيجة.

الدكتور عبد الجليل السنكيس:
لست النقابي الوحيد الذي يتم فصله من العمل، لماذا لا تتوحد جهودكم خصوصاً مع النظر إلى الموقف السلبي من قبل الاتحاد والنقابات؟

العمران: أدركت أن الاقتصار على القوانين لن يحل القضية، لذا حرصت على التعامل مع القضية كقضية رأي عام لتأخذ بعدها الطبيعي. استفدت من شعار الحركة التي أنتمي إليها وهو شرعية الحق لا شرعية القانون على اعتبار أن القانون ليس في صالحي. وعملت على النزول إلى الشارع وأن أنطلق من الشعار كواقع عملي إذ لا توجد قوانين تحمي الحق. كما قمت بمخاطبة المنظمات والمناصرين للقضية من هيئات وأفراد وحاولت كسب أي صوت ودعم للتحرك.

س: بخصوص الاجراءات التعسفية التي تعرضت لها، ألا تعتقد أن أسباباً أخرى لها علاقة بالموضوع كانتمائك لحركة حق مثلا؟

العمران: ليس لدي دليل ملموس، لكن لا أستبعد أي شيء. أما كون ذلك جاء نتيجة لنشاطي النقابي فإن لدي أدلة وشواهد على ذلك، والاعتصامات التي نظمتها كان لها دور بارز في فصلي من العمل.

ليست هناك تعليقات: