صفات التابعين
.
محاضرة/ الشيخ محمد علي المحفوظ – رئيس جمعية العمل الإسلامي (أمل).
الوقت والزمان/ الساعة الثامنة والنصف مساء – ليلة السبت الموافق 11/4/2008م.
المكان/ مجلس الكرامة الأسبوعي - الكائن بمنزل الدكتور عبد الجليل السنكيس.

استضاف مجلس الكرامة لهذا الأسبوع الموافق 11/4/2008م، سماحة الشيخ محمد علي المحفوظ في ندوة تحت عنوان ( صفات التابعين )، متحدثا فيها حول صفات أتباع الرسل والأنبياء والأئمة، مستشهدا بالنصوص التاريخية والدينية في هذا المجال.
بدأ الشيخ المحفوظ حديثه بتلاوة الآية الكريمة:
قال تعالى: ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ). الأعراف: ١٥٧
وللدلالة على أهمية وصفة التابع للحق شرع في سرد قصة النبي عيسى عليه السلام مع بعض أصحابه الذين وجدوا كنزا وأرادوا أن يقتسموه، وفي نفس الوقت قصة النبي عيسى عليه السلام مع ذلك الحطّاب الذي أراد أن يخطب بنت الملك، فلما دخل على الملك ليخطب ابنته طلب منه مهرا كبيرا، وأخبر الحطاب النبي عيسى عليه السلام حتى حول له الحجارة بقدرة الله إلى كنز فذهب للملك وطلب منه مثل ما أحضره عدة مرات إلى أن تزوج الحطاب بنت الملك حتى أصبح وليا للعهد ثم تربع على عرش الملك بعد وفاة الملك، عندها قال للنبي عيسى عليه السلام: إذا كنت قادرا على أن تفعل مثل ما فعلت فلماذا لم تفعله لنفسك؟ فقال له لأني رأيت النعيم الدائم فاستغنيت عن النعيم الزائل، فقال الحطاب الملك إذاً: أريد النعيم الدائم ومستعد أن أتخلى عن هذا النعيم الزائل، فلما رجع النبي عيسى عليه السلام لأصحابه قال لهم هذا هو كنزي الحقيقي.
وتساءل المحفوظ: كيف يتحمل التابعون اتّباع الأنبياء والأوصياء (ع)؟
وبين في شرح معنى التابع في الآية الكريمة بأنه من الإتباع، ومن اتبع فلانا، يعني لحق به، ومعنى عزّروه أي احترموا وآمنوا بما جاء به النبي (ص)، وعلق المحفوظ بالقول: إذا أردنا أن نعرف حال التابعين وصفاتهم فهذي هي صفاتهم، طريق ذات الشوكة، وهو ليس طريق الحروب فحسب فقد تكون الحرب إحدى مفرداته.

وفي نفس السياق استشهد المحفوظ بحديث: ( الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر )، موضحا أن معنى السجن للمؤمن هو أنه يتقيد بأبسط الأشياء، وهو من يضع أمام نفسه القيود وما يردعه عن المعاصي. وكما قال الإمام علي عليه السلام ( الدنيا تغرّ وتمرّ وتضرّ ).
وأورد المحفوظ أيضا حديثا عن الإمام الصادق عليه السلام: ( إنا صبّر وشيعتنا أصبر منا؛ لأننا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون ).
علي كتابع للرسول (ص)
ذكر المحفوظ حديث الإمام علي عليه السلام في بيان صفة الإتباع: ( كنت اتبعه اتباع الفصيل إثر أمه .. ). واستعرض سماحته شواهد من تاريخ الإمام علي عليه السلام في أكثر من موقف كان يقتدي فيها برسول الله (ص)، منها تنازله عن الخلافة التي كانت تضم تحتها حوالي 50 دولة، فزهد فيها حفظا للدين واستجابة لوصية النبي (ص). وكذلك موقفه من قبول التحكيم بعد أن أرغم على ذلك لأن الذين معه أعطوا كلمة لجيش معاوية.
كما استشهد سماحة الشيخ المحفوظ بموقف رسول الله (ص) يوم أن عرض نفسه للقصاص أمام المسلمين مع أن الله سبحانه وتعالى قال فيه: ( ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما ). الفتح: ٢
ونبّه سماحة الشيخ المحفوظ من أن ليس كل متابع هو تابع، وليس كل مشايع شيعي.
كما أشار إلى موقف الإمام علي عليه السلام في عهد خلافته مع خصمه اليهودي الذي تنازع معه على درع، فجلس إلى جانبه أمام القاضي، فلما أن كناه القاضي ( يا أبا الحسن ) امتعض ورفض إلا أن يساويه بخصمه وهو يهودي تحت سلطانه في دولته! وعندما سأله القاضي أمير المؤمنين عليه السلام عن الشهود أو البينة فأجاب بالنفي، فحكم القاضي لليهودي بالدرع، فلما رأى اليهودي منه ذلك، رجع، وقال هذه أخلاق الأنبياء والأوصياء وأعلن إسلامه.
وتابع المحفوظ بيان صفات التابع بأنه " يصبر على الحق، ولو كان على نفسه ". ومن أبرز التابعين حقا سلمان الفارسي الذي اقتدى برسول الله (ص) وقال فيه رسول الله (ص): ( سلمان منّا أهل البيت )، لمّا ولّيَ على المدائن خرج إليهم بهيئة عادية لم يعرفوه بها وكان يركب حمارا، فاستغربوا لما أخبرهم بأنه هو سلمان!
وأيضا من التابعين حقا، أبا ذر، الذي خرج مع رسول الله في إحدى غزواته، وكان يركب ناقة وكانت بطيئة في السير، حتى تساءل المسلمون عن سبب تأخره، ولما أن استبدّ به العطش وجد ماء، ولكنه أبى أن يشرب قبل رسول الله (ص)، حتى رجع.
ومضى المحفوظ قائلا: انظروا إلى الأتباع كيف صنعوا الملاحم. فهذا مالك الأشتر، كيف كان يتبع عليا عليه السلام حتى قال عنه يوم وفاته: ( فليبك الباكون على مالك ). وعمار بن ياسر، وميثم التمار وعلي بن يقطين الذي جاءه أحد المحتاجين فأخرّه حتى أن دخل على الإمام الكاظم ووجده ممتعضا، فلما علم بذلك خرج يبحث عن ذلك الرجل ليعتذر منه، ولم يكتف بذلك حتى طلب إليه أن يضع رجله على خده!
وتساءل المحفوظ: هل عندنا الاستعداد لأن نعتذر إذا نتج عندنا خلل في بعض المواقع؟
كما ذكر المحفوظ صفة أتباع الحسين عليه السلام وكيف ذابوا في سيدهم ومولاهم، وأن حديث ( أحبّ الله من أحبّ حسينا )، يعني أن الوصول لحب الله يأتي من طريق حب الحسين عليه السلام، وهو طريق صعب ..
وأضاف سماحته: صعب أن يقال عنك ( حسيني )، أو ( علوي )، أو ( باقري )، أو ( كاظمي ) ، ....... ، سواء في العبادة، أو في تحمل السجن وغيرها. كما الأئمة عليهم السلام. فأين " نحن من التابعين الحقيقيين ؟ ".
وقرأ المحفوظ حديثا عن الإمام الجواد ( ع ) عندما سئل عن خيار العباد، فقال: ( الذين إذا أحسنوا استبشروا، و إذا أساءوا استغفروا، و إذا أعطوا شكروا، و إذا ابتلوا صبروا، و إذا غضبوا عفوا ).
وعلّق سماحته أنّ أصعب مسألة هي الشك، وفي الإشارة إلى هذا المعنى يقول سبحانه وتعالى: ( ... وقليل من عبادي الشَّكُور) سبأ: 13.
ويتابع: "البلاء صعب والصبر عليه أصعب" ... و" ثقافة الصبر لا يستطيع كل شخص أن يتحملها".
محاضرة/ الشيخ محمد علي المحفوظ – رئيس جمعية العمل الإسلامي (أمل).
الوقت والزمان/ الساعة الثامنة والنصف مساء – ليلة السبت الموافق 11/4/2008م.
المكان/ مجلس الكرامة الأسبوعي - الكائن بمنزل الدكتور عبد الجليل السنكيس.

استضاف مجلس الكرامة لهذا الأسبوع الموافق 11/4/2008م، سماحة الشيخ محمد علي المحفوظ في ندوة تحت عنوان ( صفات التابعين )، متحدثا فيها حول صفات أتباع الرسل والأنبياء والأئمة، مستشهدا بالنصوص التاريخية والدينية في هذا المجال.
بدأ الشيخ المحفوظ حديثه بتلاوة الآية الكريمة:
قال تعالى: ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ). الأعراف: ١٥٧
وللدلالة على أهمية وصفة التابع للحق شرع في سرد قصة النبي عيسى عليه السلام مع بعض أصحابه الذين وجدوا كنزا وأرادوا أن يقتسموه، وفي نفس الوقت قصة النبي عيسى عليه السلام مع ذلك الحطّاب الذي أراد أن يخطب بنت الملك، فلما دخل على الملك ليخطب ابنته طلب منه مهرا كبيرا، وأخبر الحطاب النبي عيسى عليه السلام حتى حول له الحجارة بقدرة الله إلى كنز فذهب للملك وطلب منه مثل ما أحضره عدة مرات إلى أن تزوج الحطاب بنت الملك حتى أصبح وليا للعهد ثم تربع على عرش الملك بعد وفاة الملك، عندها قال للنبي عيسى عليه السلام: إذا كنت قادرا على أن تفعل مثل ما فعلت فلماذا لم تفعله لنفسك؟ فقال له لأني رأيت النعيم الدائم فاستغنيت عن النعيم الزائل، فقال الحطاب الملك إذاً: أريد النعيم الدائم ومستعد أن أتخلى عن هذا النعيم الزائل، فلما رجع النبي عيسى عليه السلام لأصحابه قال لهم هذا هو كنزي الحقيقي.
وتساءل المحفوظ: كيف يتحمل التابعون اتّباع الأنبياء والأوصياء (ع)؟
وبين في شرح معنى التابع في الآية الكريمة بأنه من الإتباع، ومن اتبع فلانا، يعني لحق به، ومعنى عزّروه أي احترموا وآمنوا بما جاء به النبي (ص)، وعلق المحفوظ بالقول: إذا أردنا أن نعرف حال التابعين وصفاتهم فهذي هي صفاتهم، طريق ذات الشوكة، وهو ليس طريق الحروب فحسب فقد تكون الحرب إحدى مفرداته.

وفي نفس السياق استشهد المحفوظ بحديث: ( الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر )، موضحا أن معنى السجن للمؤمن هو أنه يتقيد بأبسط الأشياء، وهو من يضع أمام نفسه القيود وما يردعه عن المعاصي. وكما قال الإمام علي عليه السلام ( الدنيا تغرّ وتمرّ وتضرّ ).
وأورد المحفوظ أيضا حديثا عن الإمام الصادق عليه السلام: ( إنا صبّر وشيعتنا أصبر منا؛ لأننا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على ما لا يعلمون ).
علي كتابع للرسول (ص)
ذكر المحفوظ حديث الإمام علي عليه السلام في بيان صفة الإتباع: ( كنت اتبعه اتباع الفصيل إثر أمه .. ). واستعرض سماحته شواهد من تاريخ الإمام علي عليه السلام في أكثر من موقف كان يقتدي فيها برسول الله (ص)، منها تنازله عن الخلافة التي كانت تضم تحتها حوالي 50 دولة، فزهد فيها حفظا للدين واستجابة لوصية النبي (ص). وكذلك موقفه من قبول التحكيم بعد أن أرغم على ذلك لأن الذين معه أعطوا كلمة لجيش معاوية.
كما استشهد سماحة الشيخ المحفوظ بموقف رسول الله (ص) يوم أن عرض نفسه للقصاص أمام المسلمين مع أن الله سبحانه وتعالى قال فيه: ( ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما ). الفتح: ٢
ونبّه سماحة الشيخ المحفوظ من أن ليس كل متابع هو تابع، وليس كل مشايع شيعي.
كما أشار إلى موقف الإمام علي عليه السلام في عهد خلافته مع خصمه اليهودي الذي تنازع معه على درع، فجلس إلى جانبه أمام القاضي، فلما أن كناه القاضي ( يا أبا الحسن ) امتعض ورفض إلا أن يساويه بخصمه وهو يهودي تحت سلطانه في دولته! وعندما سأله القاضي أمير المؤمنين عليه السلام عن الشهود أو البينة فأجاب بالنفي، فحكم القاضي لليهودي بالدرع، فلما رأى اليهودي منه ذلك، رجع، وقال هذه أخلاق الأنبياء والأوصياء وأعلن إسلامه.
وتابع المحفوظ بيان صفات التابع بأنه " يصبر على الحق، ولو كان على نفسه ". ومن أبرز التابعين حقا سلمان الفارسي الذي اقتدى برسول الله (ص) وقال فيه رسول الله (ص): ( سلمان منّا أهل البيت )، لمّا ولّيَ على المدائن خرج إليهم بهيئة عادية لم يعرفوه بها وكان يركب حمارا، فاستغربوا لما أخبرهم بأنه هو سلمان!
وأيضا من التابعين حقا، أبا ذر، الذي خرج مع رسول الله في إحدى غزواته، وكان يركب ناقة وكانت بطيئة في السير، حتى تساءل المسلمون عن سبب تأخره، ولما أن استبدّ به العطش وجد ماء، ولكنه أبى أن يشرب قبل رسول الله (ص)، حتى رجع.
ومضى المحفوظ قائلا: انظروا إلى الأتباع كيف صنعوا الملاحم. فهذا مالك الأشتر، كيف كان يتبع عليا عليه السلام حتى قال عنه يوم وفاته: ( فليبك الباكون على مالك ). وعمار بن ياسر، وميثم التمار وعلي بن يقطين الذي جاءه أحد المحتاجين فأخرّه حتى أن دخل على الإمام الكاظم ووجده ممتعضا، فلما علم بذلك خرج يبحث عن ذلك الرجل ليعتذر منه، ولم يكتف بذلك حتى طلب إليه أن يضع رجله على خده!
وتساءل المحفوظ: هل عندنا الاستعداد لأن نعتذر إذا نتج عندنا خلل في بعض المواقع؟
كما ذكر المحفوظ صفة أتباع الحسين عليه السلام وكيف ذابوا في سيدهم ومولاهم، وأن حديث ( أحبّ الله من أحبّ حسينا )، يعني أن الوصول لحب الله يأتي من طريق حب الحسين عليه السلام، وهو طريق صعب ..
وأضاف سماحته: صعب أن يقال عنك ( حسيني )، أو ( علوي )، أو ( باقري )، أو ( كاظمي ) ، ....... ، سواء في العبادة، أو في تحمل السجن وغيرها. كما الأئمة عليهم السلام. فأين " نحن من التابعين الحقيقيين ؟ ".
وقرأ المحفوظ حديثا عن الإمام الجواد ( ع ) عندما سئل عن خيار العباد، فقال: ( الذين إذا أحسنوا استبشروا، و إذا أساءوا استغفروا، و إذا أعطوا شكروا، و إذا ابتلوا صبروا، و إذا غضبوا عفوا ).
وعلّق سماحته أنّ أصعب مسألة هي الشك، وفي الإشارة إلى هذا المعنى يقول سبحانه وتعالى: ( ... وقليل من عبادي الشَّكُور) سبأ: 13.
ويتابع: "البلاء صعب والصبر عليه أصعب" ... و" ثقافة الصبر لا يستطيع كل شخص أن يتحملها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق